إنّ الذين عاشوا تجربة صيام نهار رمضان وقيام لياليه من قبل يدركون أنّ هذه الفترة تعتبر واحدة من أفضل الأوقات في السنة بالرغم من وجود تحديات عديدة تقترن بصيام هذا الشهر الكريم ظاهرياً فإنه يعطى فرصة للصائمين للإستفادة من أيامه ولياليه لخلق وبناء روابط أقوى مع إيمانهم و مجتمعاتهم. ولنا أن نتخيل إنساناً اعتنق الإسلام حديثاً وهو على وشك أن يعيش أول تجربة له صيام الثلاثين يوماً القادمة فقد تكون هذه تجربة مثيرة له ولكنها قد تكون صعبة وذات تحديات في نفس الوقت.
إن الأعداد المتنامية ممن يعتنقون الإسلام فى أمريكا تُكَوِّن جزءاً فريداً فى منظومة المسلمين فى هذا الجزء من العالم حيث يقدر العدد الإجمالى للمسلين فيها ب 3.3 مليون وهم ينتشرون فى أماكن مختلفة فإننا نجدهم في المساجد وفى المؤتمرات الدينية، و فى الجامعات في مختلف أنحاء البلاد.
ومن الملاحظ أن الكثيرين ممن يعتنقون الإسلام متحولين من ديانات أخرى يظهرون التزاماً إيمانياً قوياًعميق الجذور الشئ الذي قد يعزى للدراسة المتأنية والدقيقة للتقاليد الفكرية للإسلام وتعاليمه بالمقارنة مع عامة المسلمين الذين نشأوا في بيئة مسلمة.
ولكن على الرغم من ذلك ، فإن العديد من المتحولين إلى الإسلام يشعرون بنوع من التهميش في المجتمع الإسلامي.
وتتجلى مسألة التهميش هذه بصورة أوضح خلال شهر رمضان، وهو الوقت الذي من المتوقع أن تسود فيه روح الأخوة والتعاون لأجل خلق وتطوير علاقات أفضل بين المسلمين.
إننا نجد أن الكثير من المسلمين في الولايات المتحدة ، ينتمون إلى جهات عرقية أو ثقافية مختلفة ومتعددة، مما يجعلهم أكثر إلتصاقاً وأعمق تأثراُ بطبائع وتقاليد تلك المجموعات.
وفي نفس الوقت فإن بعضاً من المجتمعات الإسلامية الأمريكية التي تقطن أجزاءً معينة من البلاد تظهر بصورة مجزأة ومتفرقة جداً ولا تعمل على احتواء الآخرين وهذه البيئة لا تكون مناسبة للترحيب بمعتنقى الإسلام الجدد ولا تسعى لاحتوائهم وترغيبهم في الإسلام وتطلعهم إلى لقاء المسلمين الآخرين.
وفي ذات الوقت توجد حالات لبعض الذين أشهروا إسلامهم حديثاً أنهم غير مرتاحين بإعلان إسلامهم خشية من أن يوصفوا بأنهم ليسوا ” مسلمين بما فيه الكفاية. ” وهو الشئ الذى يمكن أن يخلق لديهم الشعور بالوحدة وعدم الإنتماء لجمهرة المسلمين مما يقود بعضهم للتفكير في ترك الإسلام. لذلك فهناك عبء كبير يقع على عاتق المسلمين الذين ولدوا ونشأوا في بيئة إسلامية من حيث أن عليهم التزام إنساني نحو إخوانهم وأخواتهم الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً والأمر ذو الأهمية هنا أن نعمل على إشعارهم بالدعم المجتمعي تجاههم وبالأخص خلال هذا الوقت من العام والذى يقع فيه شهر رمضان.
من الأشياء التي يمكننا القيام بها كمسلمين تجاه إخوتنا الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً والذين يصومون شهر رمضان لأول مرة فى حياتهم ، أن نعمل بإخلاص على خلق بيئة مرحبة بهم، سواء كان ذلك في المساجد المحلية أو في منازلنا، و أن نقوم بتعريفهم بأصدقائنا المسلمين الآخرين بالإضافة إلى دعوتهم إلى تناول وجبة الإفطار أو السحور معنا ، أو مرافقتهم إلى صلاة التراويح خلال ليالي الشهر المبارك. على الرغم من أننا كمسلمين قد نكون قادرين على نقل المعارف والمعلومات عن الإسلام والتي اكتسبناها عبر سنوات من تجاربنا الخاصة ومن الناحية العملية لممارستنا لتعاليم الإسلام لإخوتنا حديثي الإسلام كذلك يمكننا أن تتعلم الكثير من تفانيهم في الإيمان.
إن التجارب والابتلاءات التى يمر بها كل مسلم قد تكون مختلفة عن تجارب الآخرين ولكن الشئ المهم هو أن نعمل بصورة جماعية ومتحدة تمكننا من قهر تلك الصعاب ومن تخفيف تأثير الابتلاءات لأن ذلك يمكننا من تذوق حلاوة الإيمان المخلص. وعلينا أن نتذكر قول الله تعالى فى الآية رقم 103 من سورة آل عمران:”واعْتَصِمُوا بِحَبلِ الله جَمِيعاً ولا تَفَرَّقوا واذْكُرُوا نِعْمةَ الله عليكم إذْ كُنتُم أعْداءً فَألَّفَ بينَ قُلُوبِكُم فأصْبَحتُم بِنِعمَتِهِ إخواناً وكُنْتُم على شَفَا حُفرَةٍ مِنَ النارِ فأنْقَذكُم مِنْها كذلِكَ يُبَيّنُ الله لَكُم آياتِهِ لَعَلّكُم تَهْتَدُونَ”