إن بعض الأحداث التي يشاهدها الأطفال أو يعيشونها بالفعل، مثل تعرض منازل جيرانهم للقصف بالقنابل أو رؤية أحد أقاربهم في الشوارع يصيح طلباً للمساعدة، تترك آثاراً سلبية عميقة يصعب الخلاص منها، كل ذلك من المفترض أن لا يحدث للأطفال لكنه واقع معاش لبعضهم فها هي الطفلة نور ترى وتعايش كل هذه الأحداث المؤلمة التي وقعت خلال العدوان الذي تعرض له سكان قطاع غزة في عام 2014 حيث كانت نور حينها تبلغ من العمر ثمانية أعوام.
لم يحدث أن اشتكت نور مما يجول في داخلها جراء تلك الأحداث لكن سرعان ما أصبح واضحا أن أحداث ذلك الصيف تركت وراءها جراحاً عميقة في نفسيتها، لقد بدأت نور تعاني من كوابيس متكررة أثناء نومها وتدني أداؤها في المدرسة وفي نفس الوقت لاحظت والدتها تناقص كمية الطعام التي صارت تتناولها، كما كانت تخشى نور من مغادرة المنزل ، و بدأت تتجنب الدخول في أي حوار أو محادثة تتعلق بالحرب.
انضمت نور، خلال الصيف الماضي، إلى المخيم الصيفي لصندوق إغاثة أطفال فلسطين ( PCRF ) والذي أقيم بدعم من مؤسسة الزكاة الأميركية .
وقد ذكرت نور أن وجودها في ذلك المخيم أتاح لها فرصة اللقاء والتفاعل مع، العديد من الأطفال الفلسطينيين الآخرين الذين ظهرت عليهم أعراض مشابهة لأعراضها.
وفي تلك الأثناء وخلال مشاركة الأطفال في سلسلة من الأنشطة والألعاب، تم تقييم حالتهم الصحية من قبل الأخصائيين في المجال الطبي،وبناءاً على نتائج تلك الفحوصات أوصى الفريق العامل في صندوق الإغاثة PCRF بالمزيد من المتابعة لحالة نور وذلك بتحويلها لمركز مجتمع غزة للصحة النفسية (GCMHP) حيث تم تشخيص حالتها باضطراب ما بعد الصدمة النفسية ( PTSD ) .
وتضمنت معالجة نور عدداُ من الجلسات العلاجية والإرشاد الأسري وبعض الأدوية، وكما ذكرت والدة نور فإن حالتها الصحية قد تحسنت كثيراُ و أنها أصبحت تنعم بهدوء ولم يعد لديها كوابيس كتلك التي كانت تشاهدها سابقاً.
أوضحت والدة نور أن ابنتها أصبحت تحب الحضور إلى مركز غزة للصحة النفسية لأن ذلك يتيح لها فرصة التحدث للآخرين واللعب.
إن انتشار حدوث أعراض الاضطرابات النفسية لما بعد الصدمة وسط أطفال غزة وصل حد الوباء، لذلك فإن مؤسسة الزكاة الأميركية تؤكد التزامها بخدمة ومساعدة أهالي غزة الصامدين في وجه العدوان، وذلك من خلال عدد من البرامج الإنسانية التي تشمل بوجه خاص الغذاء والتعليم والرعاية الصحية.
وفي الوقت الحاضر فإن مؤسسة الزكاة تعمل على إعادة بناء وترميم المنازل في غزة ضمن “حملة إعادة بناء غزة”.